Skip to content

Commentaries
Arabic
رومية
  
6- الإنسان فِيْ المَسِيْحِ قد تحرَّر مِنَ الخطيئة والموت والدَّيْنُوْنَة
(رُوْمِيَة 8: 1- 11)
8:1إِذًا لاَ شَيْءَ مِنَ الدَّيْنُوْنَة الآنَ عَلَى الَّذينَ هُمْ فِيْ المَسِيْحِ يَسُوعَ السَّالِكِينَ لَيْسَ حَسَبَ الْجَسَدِ بَلْ حَسَبَ الرُّوحِ.


يُبرهن لنا بُوْلُس الرَّسُوْل في الأَصْحَاحات مِن 5 إلى 7 عجْزَنا عن الخلاص من جبلتنا الشِّريرة بقوَّتنا الذَّاتية. ويُوضح لنا أنَّ الشَّرِيْعَة لا تُساعدنا، بل تُثير فينا الشَّوق إلى الخطيئة، وتديننا أخيراً. فشبح الموت مالكٌ في عظامنا، والخطيئة مسيطرةٌ على إرادتنا الصَّالحة. بهذا البُرهان جرَّد بُوْلُس الإنسانَ مِن كلِّ إمكانيَّةٍ للخلاص بقدرته الذَّاتية، ودمَّر رجاءه الموهوم بحياةٍ طاهرةٍ مستقيمةٍ بقوَّةٍ إنسانيَّةٍ، أو بوسائل أدبيَّةٍ.
وبَعد هذا البُرهان القاطع، يُرينا الرَّسُوْل الطَّريق الوحيد إلى الحَيَاة مع الله. وذلك بما كتبه لنا في الأَصْحَاح الثَّامن مِن مبادئ الحَيَاة الجديدة، المُسمَّاة "فِيْ المَسِيْحِ".
فالإنسان الَّذي اتَّحد بيسوع قد دخل رحاب الفادي. وهو لا يسلك منفرداً متروكاً ضعيفاً مذنباً، لأنَّ ربَّه يُرافقه ويَحميه ويَشمله برعايته، ليس لأنَّ المؤمن صالحٌ في ذاته، بل لأنَّه قد سلَّم نفسه لمُخلِّصه الرَّحيم، فبرَّره وقدَّسه وجمَّله بالمحبَّة، وشمله بعنايته الأَبَدِيَّة. فالمَسِيْح نفسه يسكن في المؤمن، ويُغيِّره، ويُطوِّره إلى ملئه. ويُسمِّي الرَّسُوْل هذه الحالة الرُّوْحِيّة "الكينونة فِيْ المَسِيْحِ". فبُوْلُس لم يتكلَّم عن الثَّبات في الكنيسة، بل يطلب منَّا الاندماج فِيْ المَسِيْحِ، وإغراق أنفسنا في محبَّته.
فإيماننا لا ترتكز على عَقَائِد فكريَّة فحسب، بل يتحقَّق أيضاً في سلوكٍ مقدَّسٍ، لأنَّ المَسِيْح أمات كبرياءنا على الصَّلِيْب، وأقامنا إلى حياة جديدة. فمن يؤمن به يلتصق بربِّه، ويَنَل منه قوَّةً سماويَّةً. إنَّ هذا الكلام ليس فلسفةً فارغةً، بل هو اختبار الملايين من المُؤْمِنِيْنَ الَّذين حلَّ فيهم الرُّوْح القُدُس. فالله نفسه يأتي ويحلُّ في الإنسان الَّذي يَقبل المَسِيْح وخلاصه.
إنَّ الرُّوْح القُدُس يُعزِّي ضميرك الحائر، ويقف إلى جانبك محامياً إلهياً فريداً في وجه شكاوى إبليس، ويؤكِّد لك باسم الله القُدُّوْس أنَّك أصبحتَ بارّاً فِيْ المَسِيْحِ، وأنَّ التَّيار السَّمَاوِيّ يجري فيك كي تستطيع أن تحيا حياةً طاهرةً في هذا العالم الفاسد. فحلول الرُّوْح القُدُس يُغيِّر حالة الإنسان، كما يقول بُوْلُس في الأَصْحَاح السابع، فلا يبقى طبيعياً جسديّاً ضعيفاً، بل يصبح قادراً في قوَّة الرُّوح على فعل ما يريده الله. فلا يفعل الإنسان بعد الشَّرَّ الَّذي لا يُريده (7: 19)، بل يختبر عظمة الخلاص في قوَّة الروح، فيفعل ما يريده الله، ويرتاح قلبه في قدرته.
ويؤكِّد هذا الرُّوح لك أنَّ المُقام مِنْ بَيْنِ الأَمْوَاتِ الظَّافر سيُرافقك أيضاًٍ في ساعات الدَّيْنُوْنَة، ويحملك على ذراعيه في لهيب غضب الله، ويحميك من أشعَّة القُدُّوْس، لأنَّ لا شيء مِن الدَّيْنُوْنَة على الَّذين هم فِيْ المَسِيْحِ يسوع.
وسيساعدك اليوم أيضاً على أن تحيا الحَيَاة المَسِيْحيّة في صبر المحبَّة، وفرح التَّواضُع، وحَقِّ الطَّهارة، ليس لأنَّك تستطيع إنشاء هذه الفضائل مِن نفسك، بل لثباتك فِيْ المَسِيْحِ بلا انقضاء، كالغصن الثَّابت في الكرمة. ولذلك يقول ربُّك لك: "اثبت فيَّ وأنا فيك، فتأتي بثمر كثير". ما أعظم رجاءنا!

الصَّلَاة
أيُّها الإله القُدُّوْس، نَسْجُدُ لَكَ ونتهلَّل لأنَّك فدَيْتنا مِن استكبارنا، وخلَّصتَنا مِن سلوكنا النَّجِس، وبرَّرتنا مِن جميع ذنوبنا، وطهَّرتَنا مِن رجاساتنا. نحمدك ونُسبِّحك لأنَّك نقلتَنا إلى حياتك الأَبَدِيَّة، وفديتَنا بمحبَّتك كي نسلك سلوكاً مقدَّساً. ثبِّتْنا في شركتك الأَبَدِيَّة مع جميع المدعوِّين في العالم.
السُّؤَال
ما معنى الجملة الأولى مِن الأَصْحَاح الثامن؟