Skip to content

Commentaries
Arabic
يعقوب
  
الوَقَاحةُ في الحُكم على الآخَرين
4: 11- 12)
4:11لاَ يَذُمَّ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُّهَا الإِخْوَةُ. الَّذِي يَذُمُّ أَخَاهُ وَيَدِينُ أَخَاهُ يَذُمُّ النَّامُوْسَ وَيَدِينُ النَّامُوْسَ. وَإِنْ كُنْتَ تَدِينُ النَّامُوْسَ فَلَسْتَ عَامِلاً بِالنَّامُوْسِ بَلْ دَيَّانًا لَهُ.12وَاحِدٌ هُوَ وَاضِعُ النَّامُوْسِ الْقَادِرُ أَنْ يُخَلِّصَ وَيُهْلِكَ. فَمَنْ أَنْتَ يَا مَنْ تَدِينُ غَيْرَكَ


يُقدِّم يَعْقُوب في هذا المقطع القصير إعادةً في قالبٍ جديدٍ للفكرة التي قدَّمها قبلاً: لجم اللِّسَان (1: 26؛ 2: 12؛ 3: 8، 9). وهو الآن يُوبِّخ العاطفة البشريَّة على المَيل إلى النَّقد القاسي. لا يحقُّ لنا، مهما يكُن السَّبب، أن نقول السُّوء على أخٍ. ثمَّة مَيْلٌ معاصرٌ لوصف النَّزعة إلى توجيه النَّقد القاسي إلى الآخرين بأنَّها عبارةٌ عن حُكمٍ عليهم، بقصد تبرير هذه النَّزعة. وإذ يستبعد يَعْقُوب القذف والتَّشهير عن الآية (11) يُعرب عن استيائه مِن دين الآخرين. ينبغي أن نحترس مِن إطلاق أحكام عفويَّةٍ على الآخرين مِن موقع الفوقيَّة والتَّشامُخ. أعلن "جون وسلي" منذ عهدٍ بعيدٍ: "إنَّ أتباع الحركة المنهجيَّة Methodist مُلزَمون ألاَّ يَذكروا عيب أحدٍ غائبٍ". وماذا عن عيوب الحاضرين؟ لنرَ كيف عالج "وسلي" هذه المسألة.
دُعي المبشِّر الكبير مرَّةً مع صديقٍ مبشِّرٍ إلى الغداء. وكانت ابنة المضيف المعروفة بجمالها متأثِّرةً بشدَّةٍ بوعظ "وسلي". وفي أثناء الحديث، أمسك صديقه بيد الشَّاة ولفت الانتباه إلى الجواهر المتألِّقة في يدها قائلاً: "ما رأيكم في هذا ليَد ميثوديَّة9 ؟" فاحمرَّ وجه الفتاة خجلاً، وارتبك "وسلي"، المعروف بمقته الشَّديد للمجوهرات؛ ولكنَّه ما لبث أن قال وهو يبتسم ابتسامةً رقيقةً: "اليد جميلةٌ جدّاً". وفي ذلك المساء ظهرَت الفتاة في اجتماع الصَّلاة بدون مجوهرات، وقبِلَت المَسِيْح، وأصبحَت مسيحيَّةً مكرَّسةً.
يُخاطِب يَعْقُوب الإخوة. فالشَّخص المذموم أو المُدان هو أخٌ أيضاً. لذلك يؤكِّد يَعْقُوب على العلاقة المتبادَلة: أخاه. ينبغي أن نتوقَّف عن إطلاق الأحكام القاسية والنَّقد المفرط بحقِّ الذين نعرف أنَّهم شعب الله. ومِن المحتمَل أن يكون الضحايا الآخرون لأحكامنا وانتقاداتنا إخوتنا وأخواتنا. وخليقٌ بنا أن نُعمَّم هذا المبدأ (1 كُورِنْثُوس 5: 12).
نستنتج إذاً أنَّ مَن يُشوِّه سمعة الآخَرين يتعدَّى النَّامُوْس الملوكي (2: 8) ويُفسِد الشَّركة. وهو بإصداره الحكم بدون سُلطانٍ يُنصِّب نفسَه مدَّعياً وشاهداً ومشترعاً وقاضياً. صحيحٌ أَنَّ الْقِدِّيسِينَ سَيَدِينُونَ الْعَالَمَ، ولكنْ ليس الآن. فلا تتسرَّع (1 كُورِنْثُوس 6: 2).
كيف نُعامل إذاً التَّوبيخ والتَّأنيب؟ نجد بكلِّ وضوحٍ نصوصاً كتابيَّةً تُجيز للمسيحيِّين الذين في مواقع المسؤوليَّة أن يؤدّوا واجب توبيخ الذين يستحقُّون التَّوبيخ (1 تِيْمُوْثَاوُس 4: 20؛ 2 تِيْمُوْثَاوُس 4: 2؛ تِيْطُس 1: 13؛ 2: 15 قارن تِيْطُس 3: 1؛ 1 تِيْمُوْثَاوُس 5: 1). ونجد في (1 تسَالُوْنِيْكِي 5: 14) مفتاحاً لما يتضمَّنه التَّوبيخ – إنذار يهدف إلى تقويم الشَّخص المنحرف (غَلاَطِيَة 6: 1). ثمَّة فرقٌ يصعب إدراكه بين التَّوبيخ والدَّين، وعلى الذين لا يعرفون أن يُميِّزوا بينهما أن يتجنَّبوهما كليهما. والنَّاس بأيَّة حالٍ لا يَقبلون التَّوبيخ إلاَّ مِن الذين يُحبُّونهم ويحترمونهم. فلا تُوبِّخ أبداً فرداً تُبغضه. لا تُمارِس خدمة التَّوبيخ إلاَّ إذا كنت تمتلك موهبة التَّشجيع المُكمِّلة، لأنَّ الاثنين ينبغي أن يمضيا معاً يداً بيدٍ.
إنَّ القاضي، ذهنيّاً، هو المشترع. يفصل الناس الهيئة التَّشريعية عن السُّلطة القضائيَّة على أساس عدم جدارة أحد بالجَمع بين الوظيفتين معاً. والله الذي أعطى مُوْسَى النَّامُوْس هو المشترع الوحيد، وقد استودع الدَّينونة في يدَي المَسِيْح (5: 9؛ يُوحَنَّا 5: 22). فللدَّيان الإلهي – البشري السُّلطان أن يُبرِّر أو يدين. ويصحُّ في هذا السِّياق ما قاله "صموئيل جونسن": "إنَّ الله نفسه لا يدين إنساناً قبل أن يموت. فَمَنْ أَنْتَ يَا مَنْ تَدِينُ غَيْرَكَ؟"