Skip to content

Commentaries
Arabic
عبرانيين
  
13- اقبلوا بركة الله المبنيَّة على دم المسيح وشفاعته
(13: 20- 24)
13:20وَإِلَهُ السَّلاَمِ الَّذِي أَقَامَ مِنَ الأَمْوَاتِ رَاعِيَ الْخِرَافِ الْعَظِيمَ رَبَّنَا يَسُوعَ بِدَمِ الْعَهْدِ الأَبَدِيِّ21لِيُكَمِّلْكُمْ فِي كُلِّ عَمَلٍ صَالِحٍ لِتَصْنَعُوا مَشِيئَتَهُ عَامِلاً فِيكُمْ مَا يُرْضِي أَمَامَهُ بِيَسُوْعَ الْمَسِيحِ الَّذِي لَهُ الْمَجْدُ إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ. آمِينَ


إنَّ هدف العالم هو سلام الله. وتمنِّينا السَّلام معناه أنَّنا نفتقده، وأنَّنا في حالة اضطرابٍ وحربٍ وخصامٍ. الشَّيطان عدوُّ الله، والعالم كلُّه قد وُضِع في الشِّرير. والصِّراع بين السَّماء وجهنَّم قائمٌ منذ القديم، وملايين الناس يسقطون في فخاخ روح إبليس الذي يربطهم ويُقيِّدهم ويَقبلهم عبيداً للشَّر.
أمَّا الله فيُريد إنشاء السَّلام مع الإنسان. فأرسل ابنه ليُصالح البشر مع ذاته. وتمَّت هذه الغاية العجيبة في الصَّلِيْب. فلنا سلامٌ مع الله بِوَاسِطَةِ إيماننا بالمسيح الذي برَّرَنا. وكان البرهان على قبول مصالحة المسيح هو إقامته بالله. ويذكر كَاتِب الرِّسَالَةِ في خلاصة رسالته، للمرَّة الأولى والأخيرة، قيامة المسيح كشرطٍ لصعوده إلى السَّماء. فكان هدف قيامة المسيح هو تقدُّمه إلى الله كاهناً وشفيعاً لجميع أتباعه.
فالمسيح هو الرَّاعي الصَّالح، ورعيَّته هم المولودون مِن الرُّوْح القُدُس الذين يُشبهون الخراف التَّابعة راعيها، العارفة صوته، العائشة في حمايته. وهو قد أعطاهم الحياة الأبديَّة، ولا يخطفهم أحدٌ مِن يده. المسيح أعظم مِن موسى لأنَّه صالح رعيَّته مع الله، وغرس فيهم الحياة الإلهيَّة. وهو أعظم مِن جميع الأساقفة والبابوات والمطارنة والرُّعاة لأنَّه فدى العظماء والبسطاء معاً، وهو يُرشدهم بيده اللَّطيفة. ولا يدخل إنسانٌ السَّماء إلاَّ بِيَسُوْعَ. فهل أصبحتَ عضواً وديعاً في رعويَّته السَّماوية؟
إنَّ الرِّباط الشَّامل الذي يربط هذه الرَّعية معاً هو دم العهد الجديد. فيسوع بذل ذاته ليُنشئ أساساً شرعيّاً يُمكِّن رعيَّته مِن العيش في عهدٍ أبديٍّ مع الله؛ وقادنا وأرجعَنا إلى أبيه، وثبَّتَنا في عائلته السَّماوية. فليس ثمَّة إيمانٌ حقٌّ، ولا حلولٌ للرُّوح، ولا كنيسةٌ، ولا رجاءٌ بدون دم المسيح. وحتَّى قيامة المسيح مِنْ بَيْنِ الأَمْوَاتِ توقَّفَت على هذا الدَّم القُدُّوْس. كان هدف صعوده إلى السَّماء أن يتقدَّم بدم العهد إلى أبيه ليُحقِّق الخلاص عنده. لم يَمْثُل المسيح أمام أبيه كملكٍ منتصرٍ، بل كحمَلٍ مذبوحٍ. وبهذه الصِّفة المتواضعة ينتصر ويُخلِّص ويَثبت راعياً أميناً لأحبَّائه. فيَنْبَغِي لمَن يريد اتِّباعه أن يخلع كبرياءه ويلبس وداعة حَمَل اللهِ.
يُسمِّي كَاتِب الرِّسَالَةِ المسيحَ ربَّنا يسوع. وبهذه العبارة يقول إنَّ ابن مريم، النَّجار النَّاصري، هو الرَّب نفسه المُحاط بكلِّ مجدٍ وبهاءٍ، والمدفوع إليه كُلّ سُلْطَانٍ فِيْ السَّمَاءِ وَعَلَى الأَرْضِ. ومَن لم يحصل بعد على الرُّوْح القُدُس لا يستطيع أن يُسمِّي يسوعَ ربّاً. أمَّا نحن المولودين مِن روحه فنُحبُّه ونعترف أنَّ الإنسان يسوع هو إلهٌ حقٌّ، ونسجد له ونُسمِّيه ربَّنا يسوع، كأنَّنا نملكه مثلما يملكنا. لقد ارتبط بنا في عهدٍ، وسلَّم نفسه لأيدي الناس. فمَن مِنَّا يُسلِّم نفسه له حمداً وشكراً إِلَِى الأَبَدِ؟ اسمح، يا أخي العزيز، للروح القدس بأن يربط قلبك بالله الذي يقودك إلى تسليمٍ تامٍّ ليسوع ربِّك.
يطلب كَاتِب الرِّسَالَةِ، في العدد التَّاسع عشر، أن يُصلِّي أعضاء الكنيسة لأجله. وهو الآن يُصلِّي لأجلهم مُعظِّماً اسم يسوع الذي تعرفه المَلاَئِكَة، وتخاف منه الشِّياطين، والذي سَتَجْثُو بِهِ كُلُّ رُكْبَةٍ، وَيَعْتَرِفُ كُلُّ لِسَانٍ أَنَّ يَسُوعَ الْمَسِيحَ هُوَ رَبٌّ لِمَجْدِ اللهِ الآبِ.
وهدف سجود كَاتِب الرِّسَالَةِ ليسوع هو الطِّلبة المبنيَّة على الثِّقة غير المتزعزعة بأنَّ المسيح يمدُّ يدَه إلى الكنيسة المجرَّبة، ويُجهِّزُها بالقوَّة والصَّبر لاحتمال موجة الاضْطِهَادات الآتية. إنَّ خَصْمنا الضَّارَّ في الحقيقة ليس الناس، بل هو عدم إيماننا، وفقدان طاعتنا، وقلق قلوبنا. فاطلب مِن يسوع القوَّة على تنفيذ مشيئة الله في كلِّ لحظةٍ مِن حياتك. لا تكفيك معارفك السَّامية، فاعمل بما تعرفه، وحقِّق ما أراك المسيح إيَّاه.
لقد عرف الكَاتِب أنَّنا لا نستطيع عمل شيءٍ صالحٍ مِن تلقاء أنفسنا، لأنَّ جسدنا يُعارض فاعليَّة الرُّوْح القُدُس. لذلك يطلب إلى يسوع أن يكون هو العامل في الكنيسة، فينتصر في كلِّ عضوٍ مِن أعضائها، منشئاً فيه الإيمان والرَّجاء والمحبَّة، لكي يفرح الله بِوَاسِطَةِ حالة الكنيسة ويُسرَّ بها. فمسرَّة الله تُمطِر على الكنيسة التي تنفتح تماماً لغايات المسيح ومشيئته، وتفيض البركة والمواهب فيها.
إنَّ تنفيذ الخير لا يصدر منَّا، وصلواتنا وإيماننا ليست نتيجة قلوبنا، بل إنَّ كلَّ شيءٍ يأتي مِن شفاعة المسيح الذي يُنعم علينا لأنَّه قدَّم ذبيحته لله. فدم المسيح وخدمته الكَهَنُوْتيَّة هما اللَّذان يُحقِّقان فينا الأعمال الصَّالحة والقداسة والكمال.
لا يبقى لنا فخرٌ. فللمسيح وحده العظَمة والمجد والسُّجود. وويلٌ للمستكبر المتباهي لأنَّه غبيٌّ وأعمى ومريضٌ في عقله. فالمسيح متواضعٌ وخادمٌ حتَّى اليوم وسط مجده. ووداعته تدفعنا إلى السَّجود لشخصه العظيم، وأمانته تخلق فينا الحمد. فلولا شفاعة المسيح الحيِّ لك لانتهى إيمانك حالاً. فأنت عائشٌ لأنَّه حيٌّ وينوب عنك عند الله. إنَّ شخص يسوع وخدمته الكَهَنُوْتيَّة هما ضمانة بقائنا وسبب سجودنا.
هل تُحبُّ يسوع؟ هل تشكره؟ كم دقيقةً في اليوم تُسبِّحه؟ هل محبَّتك له عاطفيَّةٌ تدوم مدَّةً وجيزةً، أم أصبحَت حياتك كلُّها شكراً له وتسبيحاً؟ إنَّ تعظيم المسيح يعمُّ السَّماء مِن الأزل إِلَِى الأَبَدِ دون نهايةٍ. فهل تشترك أنت في عاصفة الحَمد هذه؟ اطلب الامتلاء بالرُّوْح القُدُس، فيدفعك إلى الانسجام مع أجواق الله الحامدة.

الصَّلَاة
أَيُّهَا الرَّبُّ يَسُوْعُ المسيح، أَشْكُرُكَ مع جميع أعضاء رعيَّتك. أنت راعينا الصَّالح، يا مَن بذَلْتَ نفسك لأجلنا لكي نعيش إِلَِى الأَبَدِ. امنحنا القوَّة على عمل مشيئتك، واملأنا بفرح الشَّهادة، كي يفيض روح الصَّلاَة منَّا وتُصبح حياتنا كلُّها حمداً لنعمتك المجيدة. خلِّص كثيرين في عصرنا ليتعالى اسمُك ويُمجَّد، واسمح لاسمك القُدُّوْس "يسوع" بأن يكرَّم في محيطنا كلِّه.
السُّؤَال
لماذا دم المسيح هو محور الخلاص؟