Skip to content

Commentaries
Arabic
عبرانيين
  
12:2نَاظِرِينَ إِلَى رَئِيسِ الإِيمَانِ وَمُكَمِّلِهِ يَسُوعَ الَّذِي مِنْ أَجْلِ السُّرُورِ الْمَوْضُوعِ أَمَامَهُ احْتَمَلَ الصَّلِيْب مُسْتَهِينًا بِالْخِزْيِ فَجَلَسَ فِي يَمِينِ عَرْشِ اللهِ.3فَتَفَكَّرُوا فِي الَّذِي احْتَمَلَ مِنَ الْخُطَاةِ مُقَاوَمَةً لِنَفْسِهِ مِثْلَ هَذِهِ لِئَلاَّ تَكِلُّوا وَتَخُورُوا فِي نُفُوسِكُمْ


ابتدأ يسوع غرز الإيمان فيك. ففي نعمته سيُكملك. وهو لم يدعُك وحدك كأنَّك أفضل مِن غيرك، بل دعا الجميع إلى الإيمان الحقِّ. فمَن يفتح قلبه لروحه، ويتبع نداءه، يجذبه ويُثبِّته ويُقوِّيه ويُقدِّسه تماماً. هكذا كان المسيحُ العاملَ في معجزات الرُّسل. لم يحدث في الكنيسة شيءٌ بنَّاءٌ صالحٌ إلاَّ بإرادته. فهو يُكمِّل مشيئته، ويحلُّ أيضاً المسائل العقائديَّة والاجتماعيَّة الصَّعبة التي لا نجد جواباً لها اليوم. المسيح حيٌّ، وسيُتمُّ عمله الذي بدأه، وهو يطل شبّاناً مُصلِّين يُصغون وينظرون إليه، لأنَّه يُعلن مشيئته للهادئين الصِّغار المتواضعين المؤمنين. فسلِّم نفسك إلى مدرسة يسوع للتَّدريب على الإيمان والمحبَّة والرَّجاء، وهو يُكملك حتماً.
إنَّ المسيح هو نفسه قدوة الكمال. والنَّهر لا يرتفع فوق ينبوعه. وما مِن دينٍ أفضل مِن مؤسِّسه. فانظر إلى يسوع باهتمامٍ تَعْلَم ما هي الطِّريقة للكنيسة، والإمكانيات الروحية للمؤمن. لا تقدر أن تكون أفضل وأقوى وأقدس مِن المسيح.
كان للمسيح، منذ البداية، هدفٌ لسيرته وهو أبوه. فقد انبثق منه لفداء العالم، واشتاق للرُّجوع إليه. فلم تكن غاية انطلاقه وحياته إلا الآب. فعمل جميع معجزاته في انسجامٍ معه، كما عملت مواهب الآب وصفاته وقواه فيه. وكانت له أمنيةٌ وحيدةٌ في قلبه أن يرجع إلى فرح الشَّركة مع أبيه، لأنَّ إلهنا ممتلئٌ فرحاً وابتهاجاً وغبطةً ومسرَّةً، وليس فيه سببٌ لإنقاص السَّعادة.
وإلهنا ليس أنانيّاً، فهو لا يخصُّ نفسه بالفرح، بل يُفكِّر كثيراً بأبنائه الضَّالين، ويعمل كلَّ ما في وسعه لإرجاعهم كي يحتفل معهم بعِيْدِ العَودة، حيث يعمُّ الفرحُ السَّمَاءَ بِخَاطِئٍ وَاحِدٍ يَتُوبُ. فسرور المسيح هو مسرَّةٌ في شركته مع الآب، وغبطةٌ فائقةٌ مع جميع المفديِّين الذين صاروا مِن أهل البيت. وسيُسبِّح البشر كلُّهم الحَمَل الإلهيَّ المذبوح لأجلهم ممجِّدين الآب، إذ يُسلِّم المسيح في نهاية الكمال نفسه والكون كلَّه إلى أبيه (1 كُوْرِنْثُوْس 15: 24- 28).
لم يصِر المسيح إنساناً لأجل السُّرور، بل لاحتمال الصَّلِيْب. فابنُ الله تجسَّد ليحمل خطايا الناس. وفوق ذلك احتمل استهزاءهم ورفضهم وبغضهم. أتى المسيح ليُصالح العصاة الثَّائرين مع الله، ويُمثِّل أمامهم التَّواضع والوداعة، ليُجدِّد روحه اللَّطيف المعاندين، فيعمل منهم أبناءً لله. تحمَّل المسيح غضب الله عوضاً عن البشر، ليتحرَّر المجرمون ويتوبوا ويسجدوا للمحبَّة الأزليَّة، ويرجعوا إلى أبيهم الحنون. فتألَّم يسوع لأجل خلاصنا، ومات لأجل خطايانا، ليُشركنا في سروره الإلهيِّ.
ويجلس المسيح اليوم عن يمين أبيه فوق السَّموات. وقد بلغ هدف سباقه. وها قد تمَّ الخلاص مبدئيّاً. والمسيح يكهن اليوم لأجلنا، ويضع بركته العظيمة على المصلِّين، ويحملنا بصبرٍ فائقٍ، لأنَّنا قَبِلْنا إكمالنا بذبيحته المقدَّسة. وهو الذي صبر سابقاً على الازدراء والتَّقبيح واللَّعنات، فأصبح الآن مسجوداً له مِن جميع المَلاَئِكَة. وقد دفع أبوه إليه كُلّ سُلْطَانٍ فِيْ السَّمَاءِ وَعَلَى الأَرْضِ. ولكنَّ القادر على كلِّ شيءٍ لا ينتقم مِن البشر المعقَّدين، ولا يُحطِّم الكرة الأرضيَّة الآن، بل يُرسل إلينا رُسُلاً وخدَّاماً يدعون كلَّ إنسانٍ للعودة إلى الله. أمَّا الذي يعصي هذه الدَّعوة، فينفصل طوعاً عن النِّعمة، ويتعقَّد في ضميره، ويهلك إِلَِى الأَبَدِ.
يطلب كَاتِب الرِّسَالَةِ منَّا أن نتعمَّق بخاصَّةٍ في صبر المسيح على المتعصِّبين العُتاة العُند. فقد جاء ليُعينهم ويُخلِّصهم، ولكنَّهم رفضوه وسخروا بعونه. ولكنَّه رغم ذلك لم يتركهم مغتاظاً، بل تحمَّلهم وأكمل خلاصهم ليُرجعهم إلى مجد أبيه. فمواظبة المسيح في كفاحه وصبره على المتقسِّين واحتماله ظلمهم تقوِّينا في جهادنا. كان فقيراً حتَّى قال: "لِلثَّعَالِبِ أَوْجِرَةٌ وَلِطُيُورِ السَّمَاءِ أَوْكَارٌ، وَأَمَّا ابْنُ الإِنْسَانِ فَلَيْسَ لَهُ أَيْنَ يُسْنِدُ رَأْسَهُ." كان لاجئاً مُضطهَداً، نام في الكهوف والبساتين. ولم يتوقَّف عن الكرازة والشِّفاء، لأنَّ محبَّته عظيمةٌ للضَّالين. كان عالماً أنَّ صليبه آتٍ فقَبِلَه، لأنَّ هدف سيرته كان صعوده إلى أبيه. ولم ينسَ خطَّة عودته إليه ثانيةً واحدةً. فإبصاره الهدفَ وسطَ الآلام خير مثالٍ لنا لنحمل صليبنا بمودَّةٍ ونتبعه في طريقنا إلى الآب.

الصَّلَاة
أَيُّهَا الرَّبُّ يَسُوْعُ المسيح، أنت جالسٌ في المجد عن يمين أبيك، ونحن ساجدون لك ومحبُّون لأنَّك احتملتَ معارضة أعدائك وقَبِلْتَ صليبك، وصالحتَنا مع الله، كي نستحقَّ الرُّجوع إلى شركة الآب. ثبِّتْنا بروح سيرتك كيلا نُلقي الصَّلِيْب عن أكتافنا، بل نحتمل القُساة الذين يُعذِّبوننا ونُصلِّي لأجل خلاصهم، فلا نفكِّر في أنفسنا، بل في المشتاقين إليك، كي نُكمل معاً الجهاد الرُّوحي، ونشترك جميعاً عند بلوغنا الهدف في مسرَّتك.
السُّؤَال
ما هو السُّرور الموضوع أمام المسيح، وكيف وصل إليه؟