Skip to content

Commentaries
Arabic
أعمال الرسل
  
12 - الصّلاة المشتركة في الكنيسة
(4: 23 - 31)
4:23وَلَمَّا أُطْلِقَا أَتَيَا إِلَى رُفَقَائِهِمَا وَأَخْبَرَاهُمْ بِكُلِّ مَا قَالَهُ لَهُمَا رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالشُّيُوخُ24فَلَمَّا سَمِعُوا، رَفَعُوا بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ صَوْتاً إِلَى اللّهِ وَقَالُوا:"أَيُّهَا السَّيِّدُ، أَنْتَ هُوَ الإِلهُ الصَّانِعُ السَّمَاءَ وَالأَرْضَ وَالْبَحْرَ وَكُلَّ مَا فِيهَا،25الْقَائِلُ بِفَمِ دَاوُدَ فَتَاكَ: لِمَاذَا ارْتَجَّتِ الأُمَمُ وَتَفَكَّرَ الشُّعُوبُ بِالْبَاطِلِ؟26قَامَتْ مُلُوكُ الأَرْضِ، وَاجْتَمَعَ الرُّؤَسَاءُ مَعاً عَلَى الرَّبِّ وَعَلَى مَسِيحِهِ27لأَنَّهُ بِالْحَقِيقَةِ اجْتَمَعَ عَلَى فَتَاكَ الْقُدُّوسِ يَسُوعَ، الَّذِي مَسَحْتَهُ، هِيرُودُسُ وَبِيلاطُسُ الْبُنْطِيُّ مَعَ أُمَمٍ وَشُعُوبِ إِسْرَائِيلَ،28لِيَفْعَلُوا كُلَّ مَا سَبَقَتْ فَعَيَّنَتْ يَدُكَ وَمَشُورَتُكَ أَنْ يَكُونَ29وَالآنَ يَا رَبُّ، انْظُرْ إِلَى تَهْدِيدَاتِهِمْ، وَامْنَحْ عَبِيدَكَ أَنْ يَتَكَلَّمُوا بِكَلامِكَ بِكُلِّ مُجَاهَرَةٍ،30بِمَدِّ يَدِكَ لِلشِّفَاءِ، وَلْتُجْرَ آيَاتٌ وَعَجَائِبُ بِاسْمِ فَتَاكَ الْقُدُّوسِ يَسُوعَ"31وَلَمَّا صَلَّوْا تَزَعْزَعَ الْمَكَانُ الَّذِي كَانُوا مُجْتَمِعِينَ فِيهِ، وَامْتَلأَ الْجَمِيعُ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ، وَكَانُوا يَتَكَلَّمُونَ بِكَلامِ اللّهِ بِمُجَاهَرَةٍ.


انطلق الرسولان مِن السجن، ورجعا إلى العليّة، حيث كان بعض الإخوة يجتمعون للصّلاة المستمرّة، لأنّه ما دام أحدهم ملقيّاً في السجن، فإنّهم يستمرون بصلاة متسلسلة بالتناوب، لكي يمنحه الرّبّ سلطاناً وحكمة وجرأة وهدى وحماية. فلمّا رجع بطرس ويوحنّا وأخبراهم، كيف أعانهما الرّبّ، ليشهدا باسم يسوع وخلاصه أمام زعماء أمّتهم، عظم الفرح والشكر، وتألّموا معاً في الوقت نفسه لأجل منع التكلّم عن يسوع، لأنّ هذا الحكم استهدفهم جميعاً؛ فلقد تأمّلوا أن يتوب الزعماء، ولكن بَانَ لهم، أنّهم تقسّوا تدريجيّاً ضدّ يسوع. فقد صلّوا لأجل خلاص رؤساء الكهنة والشيوخ، ولكنّهم اختبروا رفضاً وتهديداً.
وبعدئذ حدثت أعجوبة أخرى بعد إطلاق الرسولين: لم تتناقش الكنيسة الطريقَ الأفضل للتخلّص مِن قرار منع التكلّم باسم يسوع المسيح، ولم يقترح أعضاؤها حلولاً وسطى، ولا التكلّم في الخفاء، ولا الانتظار لأوقات أكثر ملاءمة ، بل إِنَّ هؤلاء الرجال ركعوا للصّلاة، وأعرضوا عن النّاس والحقائق والسلطات، ملتجئين إلى الله القادر على كلّ شيء، الّذي صنع السماوات والأرض وكلّ نبات وحيوان، فالعليّ هو أبوهم كما هو أيضاً أبو رؤساء الكهنة أنفسهم، فكلّموا العليّ بكلّ أمورهم، وبسطوا أمامه تهديد المجمع الأعلى الّذي صلب يسوع سابقاً.
وأرشد الرّوح القدس عائلة الله هذه ليصلّي أفرادها معاً بصوت واحد، مردّدين بعض الآيات مِن المزمور الثاني، لأنّ هذه المزامير، الّّتي هي كتاب ترانيم اليهود، ملأت قلوبهم وأَصبحوا كلّهم أنبياء في روح النبوّة فرأَوا في حركات حكومتهم ومعاملة الدّولة الرومانيّة ثورة الطبيعة ضدّ الله ومسيحه. ليت لنا بصيرة نبويّة، لندرك مِن خلال التطوّرات السياسيّة والاقتصاديّة والدينيّة الحالة في أيامنا! كيف أنّ العالم يسرع إلى زمن تجمّع الشّعوب واتحادها في دولة عالميّة ضخمة يحكمها المسيح الكذّاب ضدّ الله ومسيحه.
وهذه الحركة المنقادة مِن روح الشيطان قد ابتدأت آنذاك في أورشليم، حيث اجتمع أعداء الله ليقتلوا يسوع؛ فتعاونت الأمّة اليهوديّة والسلطة الرومانيّة، رغم تباغضهما، لتبيدا مسيح الرّبّ. ولكنّ بيلاطس الروماني وهيرودس الملك وقيافا القاضي الماكر فشلوا فشلاً ذريعاً، وصار حكمهم باطلاً، لأنّ المسيح المصلوب لم يتفتت في القبر، بل قام وحوّل كلّ مقاصد البشر الشرّيرة إلى ظفر الله. فكلّ الأشياء تعمل معاً للخير للّذين يحبون الله. وتخطيطات العلي غير مدركة، ولكنّها مفعمة بالنّعمة والرحمة والحنان فإنّ على أعداء الله أن يخدموه، لأنّه لا شيء في دنيانا بدون إرادة أبينا السماوي. وهو لا يتركنا حتّى في أحضان الموت.
في هذا الإيمان، تشجّعت الجماعة المصلّية، عارضةً بين يدي الله تهديدات الحكّام. لم يتكلّموا عن ضيقهم طويلاً، بل فوضوا الله أمر منعهم مِن التكلّم بيسوع مِن قبل الظالمين. ونقيض ذلك المنع الجائر قاد الرّوح القدس المصلّين معاً، ليطلبوا مِن الرّبّ سلطاناً زائداً لخدمتهم الجوهريّة، وهي الشهادة ليسوع المسيح، ليؤيدهم الله بالحكمة والجرأة والقوّة للموعظة الحسنة، وليستطيعوا أن يرسموا أمام مستمعيهم يسوعَ الناصريَّ مخلّصاً للعالم. وهذه الشهادة الصافية هي كلمة الله بالذات. ومَن يشهد بيسوع المصلوب المقام، فإنّ الله يتكلّم بواسطة هذا الشاهد مباشرة، ويبارك شهادته. والقدّوس يدعو كلّ النّاس إلى الصّليب، لينجّيهم ويطهّرهم ويكمّلهم. فهل أصبحت فماً لله أَم لا تزال خائفاً؟ هل تصلّي لأجل المجاهرة وموهبة التفويض، للتكلّم بإرشاد الرّوح القدس، خصوصاً في حالتك الحرجة؟
طلب المجتمعون للصّلاة أيضاً ثماراً لقوّة الله، لأنّهم لم يؤمنوا بمجرّد الكلام، بل اختبروا عمل كلمة الله الخالقة الخارجة مِن أفواههم. ولم يطلبوا هذه الآيات لإيمانهم الفعَّال كأفراد، بل إِنَّ الكنيسة بمجموعها التمست مِن يسوع شفاء وعجائب لتمجيد اسم المخلّص، لكي يتضح لكلّ متشكِّك وبطيء الإيمان أنّه لا طريق إلى السّماء إلاّ في يسوع، الّذي بيده مفاتيح الفردوس والهاوية.
وقد استمع الله لصلاة الإيمان الجريئة، وجاوب الصُّراخَ المُشترَكَ في تلك الصّلاة الوحيدة المذكورة عن الكنيسة الأولى، ومدّ يده المباركة على الاجتماع حتّى اهتزت الكراسي وتزعزع المكان، وامتلأ الكلّ مِن الرّوح القدس كما كان في يوم الخمسين. وحيث نصلّي في انسجام مع روح محبّة الله، طالبين إعلاناً جهريّاً لحقّه الحاضر في الإنجيل، يَستجيبُ الله صلاتَنا مُباشرةً وبالتَّأكيد، ويقوّي خدّامَ المسيح منشِئاً الجرأة فيهم، ومؤسِّساً إياهم على رجاء الإيمان، ومالئاً إيّاهم بقوّة المحبّة.
فماذا نتج مِن هذه الصّلاة الفريدة في نوعها؟ رغم منع الحكام التكلّم باسم يسوع، تكلم الكلّ بجرأة ومجاهرة عن هذا المخلّص، وبشّروا باسمه في بيوتهم وفي الأزقة والشوارع، وحتّى في دار الهيكل الواسع، لأنّ الرّبّ قوّاهم بروحه، وجهّزهم ليكونوا له شهوداً. فكّر مليّاً في معاني هذه الصّلاة المشتركة مِن الكنيسة الأولى، واشترك في نطقها، متضرّعاً إلى الرّبّ.

الصَّلَاة
أيّها الآب المجيد، أنت الخالق، والمخلّص، ومكمّل أيامنا. العالم يتجمّع ضدّك، انظر يا ربّ إلى تهديداتهم، وامنح عبيدك أن يتكلّموا بكلامك بكلّ مجاهرة. اصنع قوّات وآيات وعجائب، باسم ابنك القدّوس يسوع.آمين.
السُّؤَال
لِم يكون تكلّمنا بكلمة الله ضروريّاً وجوهريّاً للروح القدس؟