Skip to content

Commentaries
Arabic
أعمال الرسل
  
16:19فَلَمَّا رَأَى مَوَالِيهَا أَنَّهُ قَدْ خَرَجَ رَجَاءُ مَكْسَبِهِمْ، أَمْسَكُوا بُولُسَ وَسِيلا وَجَرُّوهُمَا إِلَى السُّوقِ إِلَى الْحُكَّامِ20وَإِذْ أَتَوْا بِهِمَا إِلَى الْوُلاةِ قَالُوا: "هذَانِ الرَّجُلانِ يُبَلْبِلانِ مَدِينَتَنَا، وَهُمَا يَهُودِيَّانِ،21وَيُنَادِيَانِ بِعَوَائِدَ لا يَجُوزُ لَنَا أَنْ نَقْبَلَهَا وَلا نَعْمَلَ بِهَا، إِذْ نَحْنُ رُومَانِيُّونَ"22فَقَامَ الْجَمْعُ مَعاً عَلَيْهِمَا، وَمَّزَقَ الْوُلاةُ ثِيَابَهُمَا وَأَمَرُوا بأَنْ يُضْرَبَا بِالْعِصِيِّ23فَوَضَعُوا عَلَيْهِمَا ضَرَبَاتٍ كَثِيرَةً وَأَلْقُوهُمَا فِي السِّجْنِ، وَأَوْصُوا حَافِظَ السِّجْنِ أَنْ يَحْرُسَهُمَا بِضَبْطٍ24وَهُوَ إِذْ أَخَذَ وَصِيَّةً مِثْلَ هذِهِ أَلْقَاهُمَا فِي السِّجْنِ الدَّاخِلِيِّ، وَضَبَطَ أَرْجُلَهُمَا فِي الْمِقْطَرَةِ.


كانت هذه الجارية العرّافة بمثابة بقرة حلوب للكثير مِن الأغنياء الّذين لم يبالوا بعذاب هذه الملبوسة النفسي، بل كوّموا أموالاً مِن كذب الشيطان ومكره بواسطتها. فاغتاظوا لمّا انتهى فجأة مورد رزقهم، فصاروا كالمجانين، وتربّصوا ببولس وسيلا، وقبضوا عليهما وجروهما بشغب وعنف إلى رئيس البلديّة، واتّهموهما بإثارة التمرّد في المدينة. طبعاً إِنَّهم لم يقولوا شيئاً عمّا فعله الرسولان مِن تحرير تلك المستعبدة مِن كابوس التباسها، بل ألصقوا برسل وداعة المسيح أنّهم ثوريون مِن اليهود، ويدخلون عوائد غير مستحبة وغير لائقة لروماني شريف. فأثاروا حمية العساكر المتقاعدين الّذين كانوا يقطنون مدينة فيلبي، خاصّةً بعد انتهاء خدمتهم. فسرعان ما اهتاجوا، لأنّ موالي العَرَّافة كانوا معروفين ومحترمين. وهكذا تقدّمت أمواج الجماهير صاخبة إلى دار البلديّة. ولمّا وصلوا إلى رئيسي البلديّة، رأى هذان المسؤولان أنّ الرّأيَ العامَّ ضدّ اليهوديَّين، فأعطى أحدُهما علامةً لخدم البلديّة، فشنّوا هجوماً على الرسولين، ومزّقوا ثيابهما، حتّى عرّوهما وضربوهما ضربات أليمة كثيرة، وأشبعوهما تعييراً وسخرية، أمام مشهد الجماهير المستهزئة.
ولأجل الاستخبار عن هذين المشاغبين المضروبين، فقد ألقيا في السجن، في غرفة داخليّة ضيّقة وسخة، وظهراهما داميان مِن الجَلد، وجسماهما منهوكان متألّمان وأكثر مِن ذلك، فقد وضعوا أرجلهما في المقطرة، القيد الشديد، وصفدوهما بسلاسل ثقيلة كيلا يهربا. فبماذا فكّر المسكينان المحبوسان؟ أَلَعَنا الرومان؟ أو تأسّفا لتحريرهما العرَّافة مِن شيطانها؟ أو خافا مِن مغبة الاعتداء على الكنيسة النامية حديثاً؟ لا ثمّ لا! فإنّ المحبوسين تكلّما مع ربّهما في الصّلاة، وباركا مضطهديهما، وأدركا أنّهما اشتركا في حمل صليب المسيح.